نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل يكون لاوون الرابع عشر البابا الذي تمنّته أوكرانيا؟ - شوف 360 الإخباري, اليوم الخميس 15 مايو 2025 08:05 صباحاً
"عليها التحلّي بشجاعة رفع العلم الأبيض". قد تكون عبارةً منسيّةً الآن، لكنّها أثارت جدلاً واسعاً حين أُطلقت حينها. كانت تلك عبارة البابا فرنسيس الراحل في آذار/مارس 2024 خلال حديث إلى هيئة "آر تي إس" السويسريّة.
"أنتَ ترى أنّك مهزوم، والأمور لا تسير على ما يرام، تَحلَّ بالشجاعة للتفاوض"، أضاف البابا الراحل.
"علمُنا أصفر وأزرق. هذا هو العلم الذي نعيش نموت وننتصر به"، ردّ وزير الخارجيّة الأوكرانيّ السّابق دميترو كوليبا. "لن نرفع أبداً أيّ أعلام أخرى".
"نحتاج إلى الاهتمام"
بعد الجدل والاحتجاجات، ردّ الفاتيكان عبر إظهار أنّ عبارة "العلم الأبيض" اقترحها الإعلاميّ الذي كان يجري المقابلة واستخدمها البابا فرنسيس في إجابته. على أيّ حال، لم يكن هذا الموقفَ البابويّ الوحيد الذي أزعج أوكرانيا بعد الحرب.
فالبابا السّابق لم يصف روسيا بالمعتدي حتى أنّه لام "نباح النّاتو على باب روسيا" لأنّه "ربّما سهّل" الحرب. وفي المقابلة نفسها مع صحيفة إيطاليّة، أصرّ البابا الراحل على مقابلة الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين قبل التّوجّه إلى أوكرانيا. أثارت هذه المواقف وغيرها حفيظة الأوكرانيّين إلى حد كبير. كذلك، زار البابا السفارة الروسيّة بالقرب من الفاتيكان بعد 24 ساعة على الغزو.
بعد رحيل البابا فرنسيس عن هذا العالم، قال المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو لوكالة "فرانس برس" إنّ على البابا المقبل "أن يعير أوكرانيا اهتماماً أكبر". يبدو أنّ أمنيته تحققت سريعاً.
"حرب إمبرياليّة"
بحسب المؤشّرات المتوفّرة القليلة، لكن المهمّة، قد يملك البابا لاوون الرّابع عشر نظرة مختلفة تماماً إلى الصّراع. سنة 2022، وحين كان لا يزال أسقفاً في البيرو، انتقد البابا (الكاردينال روبرت بريفسوت آنذاك) غزو روسيا لأوكرانيا معتبراً إيّاه حرباً "إمبريالية". وفي مقابلة مع صحيفة "سيماناريو إكسبرسيون"، شجب بريفوست الحرب بصفتها "غزواً حقيقياً، إمبريالية بطبيعتها، حيث تسعى روسيا إلى احتلال أرض لأسباب تتعلق بالقوة".
وأضاف أنّ من أهداف احتلال أوكرانيا "موقعها الاستراتيجيّ" و"القيمة العظيمة" التي تمثّلها أوكرانيا على مستوى التاريخ والثقافة والإنتاج. وتابع: "أعتقد أنّه علينا أن نكون أوضح. حتى بعض السياسيّين في بلدنا لا يريدون الاعتراف بفظائع هذه الحرب وسوء روسيا" بسبب قرار خوضها.
ويبدو أنّ ذلك التصريح لم يكن نابعاً فقط من أجواء تعاطفيّة مع أوكرانيا سادت على وجه الخصوص خلال الأشهر الأولى التي تلت انطلاق الغزو. ففي خطوة لافتة، وعلى الرّغم من أنّها لم تلقَ الكثير من الأضواء، كانت المكالمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هي أوّل اتّصال معلوم يجريه البابا لاوون الرابع عشر برئيس أجنبي.
kaidi
هو أغسطينيّ
في حديث إعلاميّ إلى "فوربس"، توقّع أستاذ اللاهوت في جامعة فيلانوفا الأميركيّة الكاثوليكيّة ماسيمو فاجيولي أن يكون البابا قادراً أكثر على التأثير في الصراع، لأنّه أوّلاً، وكبابا أغسطينيّ، (نسبة إلى القديس أغسطينوس 350-430) يؤمن بمفهوم "الحرب العادلة"، على عكس البابا الراحل الذي كان يسوعيّاً.
أما السّبب الثاني بحسب رأيه فهو أنّ أميركيّة البابا تجعله محطّ أنظار الدول الكبيرة من بينها الصين وروسيا والهند. ويضيف أنّ البابا لاوون الرابع عشر هو الأكثر نشاطاً منذ 40 عاماً بالنظر إلى سنّه.
عاملٌ آخر
ثمّة سبب إضافيّ محتمل لتفسير التأثير المتوقّع لدى البابا الحاليّ في ملفّ أوكرانيا. بعد وفاة البابا فرنسيس، قال مسؤول أوكرانيّ رفض الكشف عن هويته في حديث إلى "فرانس برس"، إنّ البابا الراحل أمكنه أن يفعل المزيد لتفسير مظالم أوكرانيا في دول الجنوب العالميّ.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ ب)
صحيحٌ أنّ البابا لاوون الرابع عشر أميركيّ لكنّه أيضاً بيروفيّ بفعل قضاء فترة طويلة من خدمته الكهنوتيّة في البيرو التي منحته جنسيّتها. وهذا يعني أنّ البابا الحاليّ، من الناحية الثقافيّة، هو جزء أيضاً من "الجنوب العالميّ"، حيث عانت أوكرانيا بشكل متفاوت في الترويج لقضيّتها. كان انتماء البابا الأرجنتينيّ الراحل إلى دول "الجنوب العالمي" أحد الأسباب التي ذكرها مراقبون لتفسير عدم وقوف فرنسيس الصريح إلى جانب أوكرانيا. نظر قسم من حكومات وشعوب هذا الجزء من العالم إلى أوكرانيا كتابعة لدولة أميركيّة "إمبرياليّة".
وصف زيلينسكي المكالمة الهاتفيّة بـ "الدافئة جداً والجوهريّة جداً" داعياً البابا إلى زيارة أوكرانيا لأنّها "ستجلب الأمل الحقيقيّ لجميع المؤمنين". هي فكرة كرّرها كبير أساقفة الكنيسة اليونانيّة الكاثوليكيّة في أوكرانيا سفياتوسلاف شيفشوك: "نشعر فعلاً بأنّ البابا ليو الرابع عشر سيكون بابا السلام لأوكرانيا التي عانت طويلاً من الحرب".
مصالحة من نوع آخر
سنة 2023، كتب جون ألان جونيور في مجلّة "ذي أتلانتيك" أنّ مواقف البابا فرنسيس كانت تعكس تزايد عدد الكاثوليك خارج أوروبا. لكن بحسب المؤشّرات المتوفّرة حتى الآن، وبدلاً من مجاراة الثقل الكاثوليكيّ المتمدد خارج الغرب كما فعل فرنسيس بشكل افتراضيّ، يبدو أنّ البابا الحاليّ يقوم بمصالحة هذا الواقع الجيوسياسيّ مع ما يعتبره ضرورة أخلاقيّة شاملة.
من الناحية المعنويّة على الأقل، لدى أوكرانيا سبب للتفاؤل. وليس أنّ لديها فائضاً من هذه الأسباب على أي حال.
0 تعليق