قصة صغيرة: ريمون إده... جمهورية الضمير - شوف 360 الإخباري

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قصة صغيرة: ريمون إده... جمهورية الضمير - شوف 360 الإخباري, اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 08:10 صباحاً

في كتابه عن الزعيم السياسي اللبناني ريمون إده، والمعنون بـ"جمهورية الضمير"، يبدأ الصحافي نقولا ناصيف من النهاية، من سرّ الموت الذي أحاط برحيل إده، ونغوص في صفحاته في محطة جديدة من "قصة صغيرة" مع الزميلة ميشيل تويني.

كثيرون لم يعرفوا أنّ إده كان مصاباً بسرطان الدم، إذ اختار الصمت وعدم البوح حتى لأقرب المقربين، مفضّلاً أن يرحل بهدوء شأنه شأن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران، الذي لطالما احترمه واستلهم منه. لم يحبّ إده أن يموت طاعناً في السنّ أو تحت وطأة العجز أو التعذيب والاغتيال، ولم يرد أن يشعر أحد بضعفه، بل أراد أن يموت شامخاً. لذلك، أخفى مرضه، وتوقّف عن العلاج عندما بدأ شعره يتساقط، حتى زوّاره كانوا يُخبَرون بأنه في ريف فرنسا، لا في المستشفى.

أسلوب ناصيف لا يكتفي بسرد السيرة الذاتية، بل يجعل من حياة الشخصية نافذة على تاريخ لبنان السياسي، إذ تتحول القراءة إلى تجربة نعيش من خلالها أبرز المحطات المفصليّة في الذاكرة الوطنية.

 

" title="YouTube video player" frameborder="0">  

 

kaidi

من خلال سرد ناصيف، لا نكتشف فقط حياة ريمون إده المولود سنة 1913 في الإسكندرية، بل نمرّ عبره على أسماء ومحطات كثيرة: سليم اللوزي، الذي اغتيل بوحشية، وشارل حلو، زميل الدراسة في كلية الحقوق، الذي دار بينه وبين إده حوار طريف في قاعة الامتحان.

يتطرّق ناصيف أيضاً إلى العداوة القديمة بين عائلتي إده وبشارة الخوري، والموقف الطريف الذي جمع ريمون إده بشقيقة الخوري، حين طلبت منه الرقص معها في فندق بصوفر، مما أثار حفيظة العائلة. وعلى الرغم من تلك العداوة، حافظت السيدة على احترامها لبيار وريمون إده، وسعت إلى المصالحة من دون جدوى.

من الجبهة الوطنية الاشتراكية، التي ضمّت غسان تويني وكمال جنبلاط وكميل شمعون وراجي سعد وشفيق الحلبي، إلى الحلف الثلاثي، والانتخابات التي خاضها ريمون إده في مختلف المراحل، يسلّط الكتاب الضوء على محطات سياسية بارزة، مثل الترشح للرئاسة في أعوام 1958، 1964، و1970، حين خسر أمام فؤاد شهاب، شارل حلو، وسليمان فرنجية على التوالي. لذا أُطلق عليه لقب "المرشح الدائم". ورغم عدم وصوله إلى سدة الرئاسة، فقد كان يملك ثقلاً سياسياً يوازي أو حتى يفوق دور الرئيس أحياناً.

يروي ناصيف كيف وقف ريمون إده في وجه اتفاق القاهرة، معتبراً إياه انتهاكاً لسيادة لبنان وبداية حقيقية لخرابه، مما جعله في عزلة سياسية، حتى سأله كمال جنبلاط نفسه: "لماذا لا توافق عليه؟". ويورد ناصيف جملة وقعها قويّ عن لسان إده: "أنا معتاد على مواقف كهذه، يتركني الناس وأبقى وحيداً".

وربما هذا ما فسّره البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير حين قال: "لو تنازل ريمون إده عن مبادئه أو غيّر قناعاته، لأصبح رئيساً للجمهورية". لكنه لم يفعل. لم يحظَ بالدعم الدولي لأنّ أولويته كانت سيادة لبنان، ولم يكن محبوباً من الأميركيين أو السوريين والقوى التي كانت تصنع الرؤساء في تلك المرحلة.

كتاب نقولا ناصيف عن ريمون إده ليس مجرد سيرة ذاتية، بل هو كتاب في التاريخ والسياسة والفلسفة الوطنية. إنه نصّ غنيّ يكشف عبر شخصية واحدة ثابتة في مواقفها، صلبة في قناعاتها، وجوه لبنان المتعددة. ولكلّ من يريد أن يتعرّف على رجل الدولة الذي لم يتلوّن، والذي ظلّ وفياً لوطنه حتى في وحدته، هذا الكتاب من أهمّ ما يجب قراءته.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق