في عالم الحيوان، تختلف معايير الجمال والجاذبية بشكل كبير عن تلك التي نتبعها نحن البشر. بينما نتجنب الروائح الكريهة، تجد العديد من الكائنات في طبيعة رائحتها الحادة أداة قوية للبقاء على قيد الحياة.

هذه الروائح، التي قد تبدو لنا بغيضة، تعمل كآلية دفاع فعالة للغاية، قادرة على إبعاد الحيوانات المفترسة، وتثبيط المنافسين، بل وحتى إبقاء البشر على مسافة. لذلك، تزخر مملكة الحيوان بمخلوقات اشتهرت برائحتها النفاذة، بعضها يعتبر من أكثر الكائلنات كريهة الرائحة على وجه الأرض.

حيوانات رائحتها كريهة

تتنوع هذه الكائنات من الثدييات ذات الرائحة النفاذة إلى الحشرات ذات الروائح الكريهة. وتظهر لنا هذه المخلوقات كيف يمكن أن تتحول الرائحة إلى سلاح فعال في معركة البقاء. وفي التقرير التالي، نستعرض معكم 10 حيوانات كريهة الرائحة لا يمكن أن يتحمل بشر التواجد بالقرب منها، سواء في أوقات التزاوج أو الدفاع عن نفسها.

طائر الهواتزين

يعرف طائر الهواتزين أيضا باسم "طائر النتانة" بسبب رائحته الفريدة. ما يميز هذا الطائر، وهو فريد من نوعه بين الطيور، هو نظامه الهضمي الغريب. فينما تعتمد معظم الطيور على الأمعاء الخلفية لهضم الطعام، يستخدم الهواتزين بكتيريا خاصة في مقدمة أمعائه لإتمام عملية التخمر، تماما كما تفعل الثدييات العاشبة الكبيرة كالأبقار.

تنتج عملية التخمر هذه، التي تحدث في حوصلة ذات حجرتين، رائحة قوية تشبه رائحة السماد العضوي، مما يجعل السكان الأصليين في أمريكا الجنوبية يلجأون إلى أكل الهواتزين فقط كملاذ أخير عند ندرة مصادر الغذاء الأخرى.

التاماندوا الجنوبي

يلقب التاماندوا الجنوبي أحيانا بـ "آكل النمل الأصغر" لتمييزه عن قريبه الأكبر، آكل النمل العملاق. هذا الثديي الجنوب أمريكي يتميز برائحة نفاذة وقوية، ولا يعتبر من الحيوانات الجذابة بصريا حسب معايير الجمال البشري.

وعلى الرغم من أن رائحته القوية قد تجعله فريسة سهلة للحيوانات المفترسة مثل الجاغوار، إلا أن التاماندوا الجنوبي يمتلك آلية دفاع قوية تتمثل في إطلاق سائل ذي رائحة كريهة من غدة تقع بالقرب من قاعدة ذيله.

خنفساء بومباردييه

تمتلك هذه الخنفساء غدتين منفصلتين: إحداهما تخزن مادة الهيدروكينون، والأخرى مليئة ببيروكسيد الهيدروجين، وهي نفس المادة المستخدمة لتبييض الشعر.

عند الخطر، تمزج الخنفساء هاتين المادتين، مما يحدث تفاعلا كيميائيا سريعا يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة لدرجة الغليان، وينتج انفجارا من الرائحة النفاذة مع سائل حارق. يعد هذا الدفاع المتفجر مميتا للحشرات الأخرى، بينما لا يؤثر على البشر.

الولفيرين

يعد الولفيرين من بين أكثر الحيوانات كريهة الرائحة على وجه الأرض. وقد أُطلق عليه أسماء مثل "دب الظربان" و"القط الكريه" بسبب رائحته النفاذة القوية.

وعلى الرغم من اسمه الذي قد يوحي بصلته بالذئاب، فإن الولفيرين في الواقع ينتمي إلى فصيلة العرسيات، وهي نفس العائلة التي تضم حيوانات مثل القوارض والغرير والقنافذ، وجميعها معروفة برائحتها المسكية المميزة.

لكن على عكس بعض الحيوانات التي تستخدم رائحتها للدفاع عن النفس بشكل رئيسي، يعتمد الولفيرين على إفرازات غدد شرجية قوية الرائحة لتحديد مناطق سيطرته وجذب الشركاء خلال موسم التكاثر.

ثعبان التنانلة

عند ذكر الثعابين، يتبادر إلى أذهان معظم الناس صور اللدغات السامة أو الالتفافات الساحقة، لا الروائح الكريهة. لكن ثعبان King Ratsnake الآسيوي يكسر هذه الأسطورة. يطلق على هذا الثعبان أحيانا لقب "ثعبان النتانة" لأنه يطلق رائحة قوية وغير سارة من غدده ما بعد الشرج عندما يشعر بالتهديد.

يتوقع البعض آلية دفاع كهذه من ثعبان صغير وضعيف، لكن هذا الثعبان يمكن أن يصل طوله إلى ثمانية أقدام، بل إنه يفترس الثعابين الأخرى.

الهدهد

يعرف طائر الهدهد، المنتشر في جميع أنحاء إفريقيا وأوراسيا، برائحته التي قد لا تكون دائمة، ولكنها كافية لترك انطباع سيئ لا ينسى. خلال فترة التعشيش أو حضانة البيض، تطرأ تغيرات على الغدة الزيتية الموجودة لدى أنثى الهدهد، فتفرز مادة ذات رائحة كريهة تذكرنا برائحة اللحم الفاسد، وتقوم الأنثى بنشرها على ريشها.

أما الصغار، بغض النظر عن جنسها، فتمتلك غددا معدلة بشكل مشابه، وتتخذ أسلوبا دفاعيا عبر إطلاق برازها بشكل نفاذ الرائحة على المتطفلين. لذلك، الهدهد نادر الوجود في متاجر الحيوانات الأليفة.

الشيطان التسماني

هو حيوان جرابي لاحم موطنه الأصلي جزيرة تسمانيا، يمتلك موهبة لا تخطئها الأنف في إطلاق الروائح الكريهة.

عندما يتعرض للضغط، يطلق هذا الحيوان رائحة قوية للغاية يمكنها أن تثني الحيوانات المفترسة عن الاقتراب. ومع ذلك، قلما يقترب الناس بما يكفي لتجربة هذه الرائحة بأنفسهم، وذلك بفضل صرخاته الحادة وميله إلى التهام فرائسه بصوت عال وفوضوي.

الظربان المخطط

يعد الظربان المخطط فردا آخر كريه الرائحة من فصيلة العرسيات. يشتهر هذا الحيوان برائحته النفاذة التي لا تنسى.

يستخدم الظربان المخطط غدده الشرجية ذات الرائحة القوية لتحديد منطقته، وعندما يشعر بالتهديد، يتخذ وضعية تحذير كلاسيكية، حيث يقوس ظهره، يرفع ذيله، ويوجه مؤخرته مباشرة نحو التهديد، قبل أن يطلق رذاذا كيميائيا لاذعا نحو عيني المفترس.

ثور المسك

التواجد بالقرب من مجموعة من ثيران المسك خلال موسم التزاوج أشبه بالدخول إلى غرفة تنتشر فيها رائحة عرق قوية.

تنتج ذكور ثيران المسك إفرازا نفاذا من غدد تقع بالقرب من عيونها، ثم تقوم بفركه على فرائها للإعلان عن استعدادها للتزاوج. تجذب هذه الرائحة القوية الإناث، اللاتي يتجولن بالقرب بينما تنخرط الذكور في اشتباكات عنيفة بالرؤوس لفرض الهيمنة.

الظربان

يمكن القول إن الظربان هو أشهر الحيوانات ذات الرائحة الكريهة على وجه الكوكب، أي أن سمعته تسبقه. لا تتردد هذه الحيوانات في رش الحيوانات المفترسة، أو حتى البشر الفضوليين برائحة كريهة للغاية عندما تشعر بالتهديد.

ومن الحقائق المثيرة للاهتمام أن هناك حوالي اثني عشر نوعا من الظربان، بما في ذلك الظربان المخطط المعروف والظربان النتن البالوان الأقل شهرة.

في النهاية، يمكننا التأكيد على إن في عالم الحيوان، تتعدد آليات الدفاع التي تستخدمها الكائنات لدرء الأعداء وحماية نفسها. ومن بين هذه الآليات، تبرز الروائح الكريهة كاستراتيجية فعالة ومدهشة، حيث تمتلك بعض الحيوانات غددا خاصة تفرز مواد ذات رائحة نفاذة وطاردة.