نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دلالات زيارة ترامب الثانية بالنسبة إلى العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة - شوف 360 الإخباري, اليوم الأحد 11 مايو 2025 11:10 مساءً
يستعد الرئيس دونالد ترامب للعودة إلى السعودية، حيث يُتوقّع أن تكون هذه محطّته الدولية الأولى في هذا الفصل الجديد من حياته السياسيّة. ولا يُمكننا التأكيد على أهميّة هذه الزيارة، كما على توقيتها، بما فيه الكفاية.
يشهد عالمنا اليوم تغيّرات باستمرار، حيث يواجه النظام العالمي تحدّيات كثيرة تشمل الحروب، وانعدام اليقين في المجال الاقتصادي، وتصاعد التطرّف، وتغيّر التحالفات. ويأتي "المجيء الثاني" لترامب إلى السعودية على ضوء هذه الأوضاع المُعقّدة، ليبعث برسالة قوية وواضحة تُعبّر عن إدراك الولايات المتحدة أنه لا يُمكن مواجهة التحدّيات الحاليّة من دون العمل بشكل وثيق مع حلفاء موثوقين. وتبرز الرياض كجهة رائدة في هذا السياق، بالنظر إلى مسائل مثل الاستقرار والوساطة والتمتّع بنفوذ حقيقي.
وقد كثّفت السعوديّة جهودها مرارًا وتكرارًا، من العمل مع أوكرانيا وروسيا، حيث تتمتّع بعلاقات قويّة قائمة على الثقة مع كلا الطرفين، إلى التعامل مع الأزمة المُتفاقمة في السودان. وتولّت الرياض المهام الصّعبة التي يتجنّبها الآخرون. فبينما اكتفى كثيرون بإجراء مكالمة هاتفيّة، وإصدار بيان صحفي لتهدئة الأوضاع بين الهند وباكستان بعد المواجهات الأخيرة، أرسلت السعودية بهدوء أحد أكثر دبلوماسيّيها خبرةً، عادل الجبير، لتولّي جهود الوساطة شخصيًا. إن هذه الجهود ليست بأعمال غروريّة، بل هي مساهمات استراتيجيّة في السلام العالمي، كما تخدم المصالح الأميركية أيضًا.
تستفيد السعودية والعالم أجمع من استقرار الشرق الأوسط، حيث يُخفّف ذلك من الضغوطات الناجمة عن الهجرة، ويُساعد على استقرار أسواق الطاقة، ويحدّ من انتشار الإيديولوجيّات المتطرّفة. ويكمن هذا المنطق نفسه وراء دعم السعودية طويل الأمد لحلّ الدولتين في فلسطين.
ولطالما أكّدت الرياض أن تصحيح الظّلم التاريخي، الذي واجهه الفلسطينيون، يُعدّ أمرًا ضروريًا أخلاقيًا، كما أنه الطريق الأكثر أمانًا لتحقيق سلام دائم للإسرائيليين والعرب والمنطقة ككلّ. وكلّما طال أمد الاحتلال، ازدادت خصوبة الأرض لازدهار التطرّف. فلا يمكن أن يكون هناك سلام من دون تحقيق العدالة. ولا يمكن أن يكون هناك ازدهار من دون السلام.
بالطبع، سيلجأ بعض النُقّاد، ومعظمهم من المُعلّقين الغربيّين المعتادين، إلى تجاهل أهميّة هذه الزيارة، عبر تبنّي وجهة نظر مُستهلكة ومُختزلة، مفادها أن "ترامب ذاهب إلى مكان وجود المال". وتُعدّ طريقة التفكير هذه باليةً ومُهينةً أيضًا للمملكة التي تشهد تحولًا جذريًا في ظلّ رؤية 2030، كما للإدارة الأميركية التي لم تتردّد في إعطاء الأولويّة للمصالح الأميركية.
kaidi
مع ذلك، إن إعطاء الأولويّة للمصالح الأميركيّة لا يعني تجاهل الفرص المُتاحة في الخارج، بل يعني اغتنام هذه الفرص. ولعلّ ترامب يُدرك أكثر من أيّ من أسلافه أنه إن لم تنخرط الشركات الأميركيّة في الأسواق سريعة النمو، مثل السوق السعودية، فستقوم شركات أخرى بذلك. فقد سبق لنا أن رأينا هذا يحصل من قبل في مجالات مثل تكنولوجيا الجيل الخامس والبنية التحتيّة والدفاع، حيث سارع منافسو الولايات المُتّحدة إلى سدّ الفجوات الاستراتيجيّة التي خلّفتها.
لا شك في أنه سيتمّ إبرام صفقات بمليارات الدولارات خلال هذه الزيارة، ولكن ليس لأن السعودية لديها فائض من المال لتُنفقه. يتمّ إبرام هذه الاتفاقيّات لأن دولةً بحجم أوروبا الغربية، واقتصادها من بين أكبر عشرين اقتصادًا في العالم، تسعى لتنويع اقتصادها، وتحديث نفسها، والبناء من أجل المستقبل. إننا بحاجة لشركاء موثوقين في مجالات عديدة، من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة المتجدّدة والتعاون في المجال النووي، وتُعدّ الشركات الأميركيّة من بين الأفضل.
ودعونا لا ننسى أيضًا أن هذه العلاقة تبادليّة، حيث سيشهد وفد الأعمال المرافق لترامب سعودية جديدة، أكثر شبابًا وانفتاحًا وديناميكيةً، وتزخر بفرص الاستثمار في جميع القطاعات، من السياحة والتكنولوجيا إلى الرياضة والاستدامة. لن يرغب مَن فوّت الفرصة في السابق بتفويتها مرّةً أخرى، كما أن ترامب لن يرغب في ذلك أيضًا.
فلنُرحّبْ إذن بالرئيس ترامب، كما بفريقه ورجال الأعمال الذين يرافقونه. فلنتحدثْ، ونوقّع، ونبني وننمو معًا. ونعم، فلنجعل العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة عظيمةً من جديد.
* رئيس تحرير "عرب نيوز"
0 تعليق