نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نهاية
الظالم،
قصة
فرعون
نموذجاً! - شوف 360 الإخباري, اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 11:15 مساءً
في كل زمان ومكان، تتكرر الحكاية وإن اختلفت الوجوه والمسميات: ظالم متجبر يظن أن سلطته باقية وأن جبروته لا يُقهر، وشعب ضعيف يئن تحت وطأة الظلم والقهر، لكنه يَختزن في داخله إيمانًا عميقًا بأن العدل لا بد أن يعود، ولو بعد حين. وفي هذا السياق، تبرز قصة فرعون بوصفها أنموذجًا خالدًا لمآلات الطغيان، ونهاية الظلم مهما طال أمده!
ليست قصة فرعون مجرد رواية دينية تروى، ولا أحداثًا تاريخية جرت وانتهت، بل هي مرآة تعكس فلسفة إلهية في التعامل مع الظلم والجبروت، وفي ذات الوقت دعوة للتأمل في طبيعة النفس البشرية، وحدود القوة، ومصير كل من تجاوز الحق.
كان فرعون أحد أكثر رموز الاستبداد في التاريخ الإنساني. ملك متأله، ادّعى الربوبية، واستعبد الناس باسم القانون والسلطة، فاستضعف بني إسرائيل، يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، ظنًا منه أن ملكه محصّن، وسلطانه لا يُزحزح. لكنه غفل عن سنن الحياة، وغفل قبل ذلك عن أن لله تدبيرًا فوق تدبير البشر، وأن للكون ميزانًا لا يختل، وإن بدا مختلًا في أعيننا.
ما فعله فرعون، من القتل والترويع والاستكبار، لم يكن وليد لحظة، بل نتاج عقلية استبدادية ترى في الآخر خطرًا يجب سحقه. ولكن تأمل معي: كيف بدأت نهاية هذا الجبّار؟ من رؤيا في منامه، تنبأت بزوال عرشه على يد غلام من بني إسرائيل. فانقلبت هذه الرؤيا إلى رعب، جعله يقتل الأبرياء خوفًا من المستقبل، فكان أول من سُحق بهذا الخوف هو ذاته.إن هذه القصة تقدم درسًا عميقًا في فلسفة الحياة والسلطة: حين يخاف الحاكم من المجهول، يلجأ إلى البطش، وحين لا يثق في عدالة قضيته، يصطنع القوة لتثبيتها، ولكن القوة لا تحمي من سنن الله.
ومع أن فرعون بلغ ذروة الطغيان، فقد بعث الله إليه رسولًا، موسى عليه السلام، برسالة هادئة واضحة: “هل لك إلى أن تزكى؟ وأهديك إلى ربك فتخشى؟” لكن فرعون لم يكتف برفض الدعوة، بل سعى لتدميرها. ومع كل آية ومعجزة، كانت نفسه تزداد صلفًا وجحودًا، إلى أن جاءت لحظة الحقيقة.مشهد البحر حين انشقّ لموسى وقومه، ثم انطبق على فرعون وجنوده، ليس مشهدًا أسطوريًا، بل لحظة رمزية عظيمة. إن البحر، وهو رمز اللايقين والمجهول، انفتح لأهل الإيمان، وابتلع أهل الطغيان. هنا يتجلّى المعنى الأسمى: أن الثقة بالله، والتمسك بالحق، تُخرجك من أضيق المآزق، بينما الغطرسة تعمي البصيرة، وتقود صاحبها إلى الهلاك.
قصة فرعون لا تزال تتكرر، ليس في القصور وحدها، بل في كل قلب يتكبر، وكل عقل يرفض النور، وكل سلطة تنسى أنها إلى زوال. نهاية فرعون لم تكن لأن موسى كان أقوى منه عسكريًا، بل لأنه كان أصدق منه إيمانيًا، وأكثر منه ارتباطًا بالحق.ومن هنا، فإن نهاية الظالم ليست لحظة هزيمته فقط، بل كل لحظة يمارس فيها الظلم وهو يظن أنه منتصر، لأنها تقرّبه من الهاوية، وتبعده عن صوت الضمير.
لنتأمل، ولنتفكر. هل نمارس في حياتنا اليومية ظلمًا صغيرًا، لا نراه كذلك؟ هل نغتر بمكانة أو مال أو سلطة عابرة؟ إن قصة فرعون ليست حكرًا على الملوك، بل تحذير لكل إنسان يمكن أن يتحول إلى فرعون صغير في بيته، في وظيفته، في قراراته.إننا حين نُعلّم أبناءنا قصة فرعون، لا نروي لهم فقط قصة غابر الزمان، بل نزرع فيهم وعيًا بأن الظلم طريق قصير، وإن بدا ممهدًا، نهايته حتمًا الغرق.
فكما قال تعالى:”إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا… إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ”ثم قال أيضًا:
“فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى. إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى.”ختامًا، إن قصة فرعون درسٌ أخلاقي، وتأملٌ فلسفي، ودعوةٌ سلوكية لأن نحيا بالعدل، وأن نربي أبناءنا على أن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن الحق لا يُخذل مهما تكالب عليه الباطل، فالله وعد، ووعده حق:”أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ!
0 تعليق