في خطوة تخلط بين الفيزياء والفلسفة، طرح الفيزيائي ميلفين فوبسون من جامعة بورتسموث البريطانية فرضية ثورية تفترض أن الكون الذي نعيشه ليس سوى نظام رقمي ضخم، أشبه بمحاكاة حاسوبية متقدمة، تعمل وفق خوارزميات معلوماتية دقيقة.

ويرى فوبسون أن الجاذبية، تلك القوة التي حيّرت العلماء لقرون، قد لا تكون قوة فيزيائية بالمعنى التقليدي، بل نتيجة طبيعية لقانون معلوماتي كوني، أطلق عليه اسم "القانون الثاني للديناميكا المعلوماتية".

الكون كحاسوب ضخم؟

تستند فرضية فوبسون إلى ملاحظات متزايدة تشير إلى أن سلوك الكون يشبه إلى حد بعيد آليات عمل الأنظمة الرقمية، بدءًا من تطبيقات الهواتف الذكية وصولًا إلى العوالم الافتراضية في "الميتافيرس".

ووفقًا للنظرية، فإن الكون يعمل على إعادة ترتيب البيانات والمعلومات بطريقة تقلل الفوضى (الإنتروبيا) وتزيد الكفاءة، تمامًا كما تفعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أو الخوادم الذكية في إدارة الموارد.

مرتكزات النظرية

تعتمد الفرضية الجديدة على ثلاث دعائم رئيسية:

نظرية المعلومات التي وضعها عالم الرياضيات الأمريكي كلود شانون.

فرضية أن المعلومات تتجه بطبيعتها نحو الانتظام وتقليل الإنتروبيا.

مبدأ أن أنظمة المعلومات المغلقة تتطور بشكل تلقائي نحو بنى أكثر كفاءة وانتظاما.

والمثير أن حسابات فوبسون قد تؤدي إلى إعادة تفسير قانون الجذب لنيوتن من منظور معلوماتي، بما ينسجم مع أفكار سابقة حول ما يُعرف بـ"الجاذبية الإنتروبية".

فلسفة أم علم؟

رغم جاذبية الفكرة، تواجه فرضية فوبسون انتقادات حادة. فهي حتى الآن غير قابلة للاختبار التجريبي المباشر، ما يجعلها أقرب للفلسفة منها للعلم التجريبي حسب بعض العلماء.

لكن فوبسون يصر على أن نظريته مبنية على أسس فيزيائية ومعلوماتية صلبة، وقد تشكل مدخلاً لفهم جديد لطبيعة الكون وقوانينه.

عالم رقمي أم واقع حقيقي؟

وتثير هذه الفرضية سؤالًا لطالما راود العلماء والفلاسفة:

هل نعيش في واقع حقيقي، أم نحن مجرد بيانات في نظام كوني أعظم؟

الفيزيائي الشهير نيل ديغراس تايسون لم يستبعد الفكرة تمامًا، وعلق بالقول:

"احتمال أن نكون داخل محاكاة ليس أمرًا عبثيًا.. .بل يستحق التأمل العلمي الجاد."

فهل نحن حقًا مجرد "أرقام في معادلة كونية"؟.. سؤال مفتوح قد يحمل مستقبل الفيزياء الإجابة عنه.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك